حينما يصغر الكبار
ارفع يديك إلى السماء وحلَّق = وارحل إلى قمم الكرامة وارتقِ
واصعد على متن الفضاء بهمة = متلمّساً نبع السعادة واستقِ
سافرْ بروحك لا عليك فإنها = تسمو إلى تلك الرحاب وترتقي
قُمْ في ظلام الليل وحدك داعياً = وافتح بربك كل باب مغلقِ
سحر الليالي مرتقاك إلى العلى = وسبيل ما يرجو المنيب المتقي
سحر الليالي نور عبد قانت = إن ساءه كدر الظلام المطبقِ
ولقد هجرت لذيذ نومك طائعاً = ومضيت في وصل الجمال المطلقِ
امدد يديك فلا عدمتك داعياً = في عصرنا عصر الرقاد المرهقِ
امدد يديك فلن تعود برفعها = صفر اليدين من الكريم المغدقِ
قف أيها الطفل الصغير وناده = واحمل إليه عناءنا وتصدّقِ
قف أيها الطفل الكبير بعزمه = فلعل فيك رجاءنا لم يخفقِ
واسأل فأنت مطهّر لم تقترف = ذنباً وستر حجابه لم تخرقِ
يا رب أمتنا يحيط بها العدا = وتكاد من غرب الورى والمشرقِ
في كل يوم جرحها متجدّد = يدمي الفؤاد بسيله المتدفّقِ
أضحت على ذيل الحياة ولم تصر = رأساً يقود إلى الزمان المورقِ
نامتْ على لحن السيادة والعلى = في دهرها الخالي المجيد الأسمقِ
فأعدْ لها الأمجاد حتى تعتلي = صهوات مَجْدٍ باذخٍ متسلقِ
وأزلْ سبات عيونها حتى ترى = فجر الحياة مع الصباح المشرقِ
سلمتْ يداك بُنَيَّ يا أمل الغد الآتي = بنور ضيائنا المتفوقِ
عفواً بني فإننا في عصرنا = مثل الحجارة لا تفوه بمنطقِ
دعنا على فرش الأسرّة واتخذ = همم الكبار إلى المكارم واصدقِ
دعنا على لجج الأماني والعلى = يمضي ونمضي في سبات مطبقِ
نصحو على نصرٍ يَهُبّ نسيمُه = فنلمّ شعث إخائنا المتمزّقِ
لا تقلقنّ لنومنا وسكوتنا = فلربما غَلَبَا خطابة أشدقِ
زمن يمرّ وبعده يحلو الذي = مرّتْ مرارته مرور تذوّقِ
عجباً لقومي كيف صار جوابهم = للراحمين لحالنا المتفرقِ
عجباً لهم ولمن يقول مقالهم = وله مدارج للسلامة يرتقي
فإلى متى هذا السكوت عن الدعا = أفمالنا ألسنٌ تبوح وتستقي
إن لم يكن أهل الدعاء كبارنا = فصغارنا والله أقدر مُنطقِ
عبد الله عبده العواضي – إب