بسم الله الرحمان الرحيم
السلام عليكم
المرأة و الطب النفسي
هناك
اختلافات جوهرية بين المرأة و الرجل فيما يتعلق بالمعاناة النفسية التي
يتعرض لها كل منهما خلال رحلة الحياة. فهما مختلفان في البناء البيولوجي و
البناء النفسي .
فالبناء البيولوجي هو تلك التركيبة التشريحية ...
الفسيولوجية ... الهرمونية التي يتشكل منها الكيان المادي للإنسان و الذي
أبدعه الخالق عزوجل من اجل أداء دور معين .
أما البناء النفسي فهو
التفكير و العاطفة و الإدراك و السلوك التي تشكل منها الكيان المعنوي
للإنسان... فهو مختلف عند الرجل و المرأة لينسجم مع البناء البيولوجي لكل
منها .
فالمرأة السوية هي التي ينسجم عندها البناء البيولوجي مع البناء
النفسي و هذا يبدو واضحاً منذ طفولتها .. و يبدو أكثر وضوحاً حين تمر
بمراحل النمو المختلفة و خاصة في مرحلة المراهقة.. ثم و هي تحيض كل شهر ..
ثم مع الحمل و الولادة و الرضاعة ... تم و هي تمارس أمومتها.
و حينما يكون هناك انسجام بيولوجي نفسي في البناء الأنثوي تكون هناك آلام من نوع خاص آلام جسدية .. و نفسية...
قد نعجب كيف تتولد الآلام من حالة الانسجام ... إنها حقيقة واقعية لها مدلولها الطبي و النفسي أيضاً.
فإبتداءً
من سن البلوغ و حتى سن الخامسة و الأربعين تقريباً تحيض المرأة كل شهر ...
و الحيض معناه أن البويضة لم تلقح .. الرحم يتهيأ كل شهر لاستقبال البويضة
الملقحة .. و على مدى الشهر تفرز هرمونات من المخ و الغدة النخامية و
المبيض بأنواع و مقادير ترتفع و تنخفض عند أيام معينة في الشهر .
وكل
ارتفاع و انخفاض يصاحبه تغيرات فسيولوجية و نفسية .. وهذه التغيرات
تصاحبها آلام .. ولكنها آلام محتملة لا تعوق الحياة.. و لأسباب غير معروفة
علمياً على وجه الدقة فإن هذه الآلام الجسدية و النفسية قد تكون قاسية غير
محتملة و قد تعوق الحياة بشكلها الطبيعي.
قد تتعرض المرأة لتقلبات
مزاجية حادة و عنيفة تمر بها على مدى الشهر وهي ذاتها لا تدري عن مشاعرها
الحقيقية عند كل لحظة و مع كل موقف .
فتنتقل من حالتها المعتادة إلى
الفتور .. ثم العدوانية.. ثم الابتهاج ... عصبية ثم هدوء .. حب ثم كراهية
.. و يمكن رسم خط بياني يوضح مدى التقلب في مزاجها .
فمثلاً في الأسبوع
الذي يسبق الدورة تبدو المرأة فاترة ثم مكتئبة ثم عصبية ثم عدوانية .. ثم
تأتي الدورة فتختفي العدوانية .. يعاودها الهدوء .. ثم يمر أسبوع فتبدو
مرحة متحمسة و متفائلة .. عاطفية و رقيقة .
و مع الانسحاب التدريجي
للشباب تنسحب الدورة الشهرية من حياة المرأة .. فتتراجع الحيوية و بداية
هذه الأعراض في حوالي سن الخامسة و الأربعين و يظهر الاكتئاب في سن
الخمسين .. وهذه المرحلة لا تمر أبداً بدون معاناة ... وقد يبدأ القلق قبل
ظهور الأعراض الفعلية .. و أعراض سن اليأس لها أسبابها البيولوجية و
النفسية و الاجتماعية .
فالإجهاض مثلاً احد الحوادث الهامة في حياة
المرأة .. انه فشل موضوع حمل .. انه يجسد فشل أعضائها و أنوثتها في خيالها
.. و عدم قدرتها على الاحتفاظ بالجنين هو دليل خيبة الرحم و ضعف البويضة
في اعتقادها .. فتحزن حزنها على إنسان كامل النمو كما هو في مخيلتها .
فالإحساس
الذي يسيطر على المرأة في هذه الحالة هو أنها فقدت جزءاً منها.. و حتى إن
كان الإجهاض إراديا أي اختيارياً بتصميم الأطباء إذا كان الحمل يشكل خطورة
على صحة الأم فإن المرأة تشعر بالاكتئاب و تأنيب الضمير ..
( و تثار في
داخلها قضية من أعجب القضايا .. من الأحق بالحياة هي أم جنينها ؟؟ و يحدث
هذا إذا كانت الأم مريضة بمرض خطير و استمرار الحمل يؤدي بحياتها ) .
و
في الوقت الذي نتوقع فيه أن يمتلئ قلب المرأة بالفرحة و ذلك حين تخرج منها
مولودها .. نرى بعض النساء تكتئب و يختلط عقلها .. و تشعر بيأس قاتل و
كراهية للحياة .. فتهمل وليدها و قد تسيطر عليها أفكار عدوانية بالخلاص
منه و الخلاص من نفسها و تبدأ المراحل المتقدمة من مرضها .. فتنهار تماماً
و يتشوش وعيها و تفكيرها .. وقد يظهر عليها هلاوس و ضلالات و هذيان .
وفي
المقابل لدينا المرأة التي حرمت من نعمة الإنجاب . فيبدأ لديها الشعور
بالنقص و المرارة و تبدأ أفكارها بالتشتت و كيف لا و هي تعيش مع زوج يريد
طفلاً أو العكس مع زوج لا يستطيع الإنجاب .. إنها حيرة وقد تسحب طعم حلاوة
الحياة منها .
وهناك مشاكل غاية في الدقة و الحساسية بالنسبة للمرأة
تمس إحساسها الأنثوي و تمس علاقتها الخاصة بزوجها .. وعلاقتها بضغوط
الحياة .. فحياتها تبدأ بمعاناة .. ثم تتعقبها معاناة خلال مراحل العمر ..
ثم تنتهي بمعاناة حين تفقد رفيق عمرها !!!
فالمرأة هي الأم و الزوجة و
الأخت و الابنة .. فإن مشاكلها في بعض الأحيان تبدو مستعصية على الفهم ..
و الحديث عن المرأة لا ينفصل عن الحديث عن الرجل و لكن نحن هنا بصدد
الحديث عن المرأة و معاناتها إجمالا و نتذكر هنا قول الحبيب المصطفى ۖ
حينما أوصانا بالنساء خيراً . وقولة عليه الصلاة و السلام خيركم خيركم
لأهله وأنا خيركم لأهلي . وقوله عليه الصلاة و السلام: رفقاً بالقوارير