ملكـة متوجـة علـى عـرش الحيـاة :
أختاه: أنت ريحانة الدار، ونسمة الحياة، وطوق النجاة، فعمود البيت أنت، بك يشقى البيت ويسعد، فأنت الابنة الحبيبة لأبيك، والأخت والصديقة الحميمة لأخيك، والزوجة الودود لزوجك، والأم الرؤوم لبنيك، لك المكانة العظمى في مجتمعك.. وعائلتك وأسرتك، فلماذا تتخلين عن هذا كله؟ أتريدين الحرية؟ فمن الذي سلبك حريتك؟ أهو الرجل؟ أم المجتمع؟ أم الأعراف والتقاليد البالية؟ أم هؤلاء جميعاً؟
ولكن: قبل كل شيء: هل فهمت معنى الحرية ياأختاه؟ أقول لك قول المحبة المخلصة: الحرية ياأختاه سلوك مسؤول يحفظ الكرامة للإنسان، ولايجعله تبعاً لفرد أو أمة، أو فكر منحرف أو نمط مرذول.
فأنت حرة ياأختاه بعقلك النير، وفكرك الملتزم، وسلوكك القويم، ومظهرك المعبر عن هويتك العظيمة، إن الضياع الحقيقي هو في فقد هويتك التي تميزك عن غيرك، وتجعلك شامخة رافعة الرأس، فالإنسان إذا هانت عليه نفسه كانت على الناس أهون، وأنا أنظر إليك حين أسير في الشارع فأرى امرأة لبست ثوباً غير ثوبها، لايليق بها، وحتى ملامح وجهك غيرتيها فبعد أن كانت ملامحك ملامح عائشة والخنساء وخولة وسمية، وثيابك ثيابهن أصبحت ملامحك ملامح صوفيا وإليزابيث وديانا وثيابك ثيابهن! ستقولين إن هذا ما يقتضيه التطور والتغيير، فهذه سنة الحياة.
لكنني أتساءل: هل هدفنا التغيير أم التطوير؟ إذا كان هدفنا التغيير لمجرد التغيير فقد خسرنا كل شيء، ولم يبق لنا أصل من الأصول نتمسك به لننميه ونجدده ونقويه، وإذا كان هدفنا التطوير فإن ما يحدث ياأختاه ليس تطويراً بل هو تمرد على الأصول وقطع للجذور يجعلك شيئاً لا قيمة ولا وطن ولا أرض ولا قرار له.
إن عليك ياأختاه أن تكوني شمعة تضيء لأمتنا الطريق لأنك أقدر على ذلك من أي فرد فأنت نصف المجتمع، وتربين النصف الآخر.
مازال الوقت أمامك لتدركي مافاتك، ضعي يدك في يد أخواتك المخلصات، وأفرغي طاقتك، وإمكاناتك لتعودي ملكة متوجة، فإن الذين تأخذين عنهم وتستمدين منهم، أفكارك ومبادئك لن يشكروا لك ما تفعلين، ولن يقدروك أو يروك متحضرة كما تظنين، بل أنت بالنسبة لهم سلاح يطعنوننا به، وبوق يردد أصواتهم، فكنت فريسة سهلة لشعارات براقة المظهر خاوية الجوهر كالمساواة، وحقوق المرأة.. إلخ أو لمصطلحات مفتعلة يلعبون عن طريقها بعواطفك كمصطلح العقل الذكوري والرجل الشرقي، والسلطة الذكورية!! لكنهم سرعان ما يلقون بذلك السلاح الذي صنعوه، وذلك البوق الذي سخروه لأغراضهم لأنهم يدركون أن من لا أصل ولا جذور له.. لا قيمة له.
واعلمي ياأختاه أنك إن اخترت الطريق الصحيح الذي رسمه لك الإسلام وعملت وأنت طبيبة أو معلمة أو مهندسة أو أستاذة في الجامعة على الإصلاح والتجديد مع الحفاظ على دينك وهويتك، فقد فزت وكنت ملكة متوجة على عرش الحياة.