لم يكن طعم لحم الدودو سيئاً فحسب، وإنما كان أيضاً فريسة
مراوغة، تتحدث سجلات السفينة عن معارك بين البحارة وطيور الدودو الشرسة
وتؤكد أن الطائر كان قادراً على الدفاع عن نفسه.
إنها طيور قوية فخورة ومغامرة متهورة، كان سلاحها فمها
القوي وعضتها الحادة، ونستدل من كل ذلك أن مقولة إبادة الهولنديون للدودو
مشكوك فيها، إن لم ينظر الهولنديون إلى الدودو كطعام فما الذي يفسر
اختفاءه؟
نجد دليلاً مهماً في سجلات "بيتر أديرسون" الذي تحطمت
سفينته قبالة الجزيرة، حينما اكتشف أخر مجموعة من الدودو صدفة، كان ذلك
على جزيرة صغيرة إلى الشرق من الجزيرة الرئيسة كان الوصول إليها ممكناً
بعد انحسار المد من خلال الخوض في المياه الضحلة، هذا يعني أن شخضاً ما أو
شيئاً ما دفع الدودو إلى تلك الجزيرة، وتشير الأدلة إلى ذلك السبب، لم
يعثر بيتر على بقايا الدودو لكنه وجد عظام حيوان آخر لم يكن من حيوانات
الجزيرة الأصلية.
عثرنا على عشرات آلاف العظام لأنواع أخرى ليست من
الكائنات الأصلية في الجزيرة، إذ إن الهولنديين أحضروا معهم أنواع كثيرة
من الحيوانات والنباتات التي اعتقدوا أنها ستكون مفيدة للسفن القادمة إلى
الميناء، كالماعز مثلاً ولا شك أن جلب هذه الحيوانات الغريبة أضر
بالجزيرة، مما أدى هروبها وصغارها إلى الغابة.
غزت هذه الحيوانات الهاربة الغابة، لكن الدودو كان ضعيفاً جداً يربي صغاره على الأرض.
عاش الدودو في عزلة طوال ملايين السنوات ولم يحتج إلى
ترك أرضية الغابة نظراً إلى عدم وجود مفترسات في الغابة معه، ولم تكن هناك
حاجة إلى التكاثر بأعداد كبيرة، عندئذ جاءت حيوانات أخرى.
كانت موريشيوس أكثر من مجرد جزيرة للحمام، إذ جعلتها خضرة
أرضية الغابة مكاناً مثالياً للكثير من الحيوانات، وكان تأثير الحيوانات
التي جلبها الهولنديون مأساوياً على الطيور التي تضع أعشاشها على الأرض.
كانت الحيوانات تنافس الطيور على الغذاء وتلتهم بيضها
أيضاً، أخيراً حصلنا على تفسير قوي للاختفاء المأساوي الكامل لطائر
الدودو، كانت الحيوانات تلتهم الطيور على الجزيرة الرئيسة، وعندما لم
يستطع الدودو تربية صغاره على الأرض انتقلت بقايا هذه الطيور المسنة على
الساحل، وظلت على جزر صغيرة كتلك التي وجدها إيفرسون عام اثنين وستين بعد
المائة السادسة.
وبعد هذه العزلة التامة راحت تتلاشى شيئاً فشيئاً..
نصف الدودو بالكائن المنقرض ونستخدم تعبير "مايتك
الدودو" في إشارتنا إلى الدودو، وكان كائناً متفوقاً في بيئته وكانت
الأعداد الكبيرة والعدوانية الشرسة للحيوانات التي أدخلت إلى بيئته سبباً
مباشراً في تناقص أعداده.
إن قصة إبادة الدودو تبين مدى سرعة إطباق عبارات الثناء
على نوع ما وبعد أربعمائة سنة من اكتشاف الإنسان للدودو للمرة الأولى
استطعنا أن تعرف أكثر على هذا الطائر وطريقة حياته.