الأرض كروية في القرآن:
قال ابن حزم: "قالوا إن البراهين قد صحت بأن الأرض كروية
والعامة تقول غير ذلك, وجوابنا وبالله تعالى التوفيق: إن أحداً من أئمة
المسلمين المستحقين لاسم الإمامة بالعلم رضي الله عنهم لم يُنكروا تكوير
الأرض ولا يُحفظ لأحد منهم في دفعِه كلمة بل البراهين من القرآن والسنة قد
جاءت بتكويرها قال الله عز وجل: (يُكَوّرُ اللّيْلَ عَلَى النّهَارِ
وَيُكَوّرُ النّهَارَ عَلَى اللّيْلِ) الزمر 5, وهذا أوضح بيان في تكوير
بعضها على بعض مأخوذ من كور العمامة وهو إدارتها وهذا نص على تكوير الأرض"
[4] , وقال سيد قطب: "(يُكَوّرُ اللّيْلَ عَلَى النّهَارِ وَيُكَوّرُ
النّهَارَ عَلَى اللّيْلِ).. تعبير عجيب يقسر الناظر فيه قسراً على
الالتفات إلى ما كشف حديثاً عن كروية الأرض ومع أنني في هذه الظلال حريص
على ألا أحمل القرآن على النظريات التي يكشفها الإنسان لأنها نظريات تخطئ
وتصيب وتثبت اليوم وتبطل غداً والقرآن حق ثابت يحمل آية صدقه في ذاته ولا
يستمدها من موافقة أو مخالفة لما يكشفه البشر.., مع هذا الحرص فإن هذا
التعبير يقسرني قسراً على النظر في موضوع كروية الأرض فهو يصور حقيقة
مادية ملحوظة على وجه الأرض, فالأرض الكروية تدور حول نفسها في مواجهة
الشمس؛ فالجزء الذي يواجه الشمس من سطحها المكور يغمره الضوء ويكون نهاراً
ولكن هذا الجزء لا يثبت لأن الأرض تدور, وكلما تحركت بدأ الليل يغمر السطح
الذي كان عليه النهار وهذا السطح مكور فالنهار كان عليه مكوراً والليل
يتبعه مكوراً كذلك وبعد فترة يبدأ النهار من الناحية الأخرى يتكور على
الليل وهكذا في حركة دائبة.. واللفظ يرسم الشكل ويحدد الوضع ويعين نوع
طبيعة الأرض وحركتها" [5] , وقال الشيخ محمد متولي الشعراوي: "التصادم بين
القرآن والعلم إذن.. إذا كان هناك تصادم.. عندما ندعى حقيقة علمية.. وهي
ليست حقيقة علمية.. أو ندعى حقيقة قرآنية وهي ليست حقيقة قرآنية.. لان
قائل القرآن هو الله والفاعل هو الله.. إن الذين يقولون أن القرآن لم يأت
ككتاب علم.. صادقون.. وفي نفس الوقت عندما نقول أن القرآن ذكر لي معجزات
لم يصل إلى بعضها العلم حتى الآن.. فهذا صحيح أيضا.. فالقرآن وان لم يأت
ليعلمني الطب مثلا.. إلا أنه (إذا أتى) بقضية طبية يخبرني بدقائقها.. ولا
يصل إليها علم الطب إلا بعد مئات السنين أو ألوف السنين.. يأتي في
الجغرافيا مثلا ويمس قضية هامة لا نعرفها إلا بعد مئات السنين.. وكذلك في
كل علوم الدنيا.. نتأمل قول الله تعالى (يُكَوّرُ اللّيْلَ عَلَى
النّهَارِ وَيُكَوّرُ النّهَارَ عَلَى اللّيْلِ).. لماذا استخدم الله لفظ
يكور.. إنك لو جئت بشيء ولففته حول كرة.. فتقول أنك كورت هذا القماش
مثلا.. أي جعلته يأخذ شكل الكرة الملفوف حولها.. وإذا أردت من إنسان أن
يصنع لك شيئا على شكل كرة.. فتقول له خذ هذا وكوره.. أي اصنعه على شكل
كرة.. ومعنى قول الله تعالى يكور الليل على النهار.. أي يجعلهما يحيطان
بالكرة الأرضية.. ومن إعجاز القرآن أن الليل والنهار مكوران حول الكرة
الأرضية في كل وقت.. وهذا ما نبأ به القرآن منذ أربعة عشر قرنا ولم يصل
إلى علم البشر إلا في الفترة الأخيرة.. وقضية كروية الأرض مسها القرآن في
أكثر من مكان.. لماذا؟ لأنها حقيقة كونية كبرى" [6] .
(2) تثاقل الأجسام نحو مركز الأرض:
في قوله تعالى: "يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ
لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثّاقَلْتُمْ إِلَى الأرْضِ" التوبة
38؛ التثاقل تمثيل بمن خارت قواه ولم يدافع تثاقله فأصبح كالميت لا يستجيب
ولا يتحرك, وبهذا يتضح أنه ينهار باتجاه الأسفل وتشده الأرض نحو مركزها
لأنها كروية مما يعني أن مركز ثقلها في وسطها.