<div><font style="font-size: 16px; color: rgb(0, 0, 102); font-family: verdana;">
<p>بعيداً عن الكتابة عن فوز اوباما، أو الدخول في تحليلات قد تكون مبكرة
إلى حد ما حول الرجل القادم من المجهول بالنسبة لنا على الأقل وقريباً منا
ومن همومنا اليومية، فقد آثرت الكتابة عن علامة من أهم علامات التحضر لأي
مجتمع من المجتمعات، تتمحور حول قياس مدى إحساس القطاع الخاص بقيمة
مشاركته في العمل العام، وتحمله لمسؤولية تطوير هذا العمل وإنجازه بالشكل
اللائق والمطلوب، فالآن يلاحظ في المملكة، خصوصاً خلال الفترة الأخيرة
زيادة نسبة الوعي الكامن في تحركات كثير من الشركات والمؤسسات الخاصة تجاه
هذه الجزئية التي أنتجت بالتالي زيادة ملحوظة في مساهمتها في كثير من
الأنشطة العامة ودعمها النشط لعدد من الفعاليات، خصوصاً تلك ذات الطبيعة
الإنسانية، ربما يعود الفضل في تحرك هذا القطاع بأكمله بعد الله إلى شخصية
خادم الحرمين الشريفين الذي دعم هذا التوجه بقوة وعمل بشكل فعال وسريع على
إلحاق القطاع الخاص بالركب العام لحركة المجتمع ككل، وقد بدا ذلك واضحاً
وجلياً في حضور مسؤولين ورجال دولة كبار في كثير من الفعاليات التي يرعاها
هذا القطاع، كدليل على دعم الدولة لهذا التوجه والحرص على تذليل الصعاب
كافة إن وجدت التي تواجه هذا الحضور وهذه المشاركات.<br> من أبرز تلك
الأنشطة مؤسسات العمل الخيري الذي وصفها الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير
منطقة الرياض بأنها تجسد قيم التراحم والتكافل في المجتمع السعودي، وذلك
أثناء وضع حجر الأساس لمركز الأطفال المعوقين الجديد في جنوب الرياض،
وتبرعه بمليوني ريال لهذا المركز ،مما اسهم في تشجيع كثير من رجال الأعمال
إلى التبرع في المقابل وفي ليلة واحدة بمبلغ يفوق السبعة ملايين ريال، وهو
بعيد عن قيمته المادية المرتفعة يعد مؤشراً ومقياساً حقيقياً لمدى إحساس
اهل الاستثمار والتجارة بأهمية مثل هذه المشاريع العامة التي يستفيد منها
فئة خاصة جداً، يحمل لها المجتمع في داخله كل مشاعر التعاطف والرغبة في
مساعدتها وهي فئة المعوقين، الذين بدت أهميتهم وأهميه إنشاء مشاريع خاصة
بهم جلية في كلمة أمير الرياض المؤثرة «إن الإنسان يشعر بالفخر والسعادة
للدور الكبير الذي تقوم به مؤسسات العمل الخيري في بلادنا، فهي تجسد في
المقام الأول مدى تكافل وتراحم هذا البلد الطيب، وتعكس أيضاً وعي ابنائهم
وإدراكهم لمسؤولياتهم تجاه مجتمعاتهم»، وهو ما يشير بطريقة أو بأخرى إلى
أهمية العمل الخيري وأهمية توجيه هذا العمل إلى دائرة تعود بالنفع أولاً
على أبناء هذا المجتمع قبل أن تمتد للخارج لتفيد أبناء هذا المجتمع أو
ذاك، على رغم عدم الاعتراض على هذا الامتداد، لكن، وكما يقال، الأقربون
أولى بالمعروف وخيركم خيركم لأهله.<br>إن المملكة الآن تعيش مرحلة من أهم
مراحلها الاجتماعية القائمة على الإحساس بالآخر والتألم لألمه، خصوصاً إذا
كان هذا الآخر لا حيلة له ولا يملك الأدوات الكافية لمواجهة الحياة
بقسوتها وصعابها، فمجرد الالتفات إلى أحد الآن ونحن في هذا العصر السريع
ذي الوتيرة العملية والجمود أحياناً في المشاعر دليل على صحة هذا المجتمع
وعلى نضوجه وتوازنه... إننا دائماً بحاجة إلى من يحرك قلوبنا ويدغدغ
مشاعرنا ويحرك إنسانيتنا تجاه فئات بعينها في المجتمع، وهو ما نجحت فيه
بكل شفافية حكومة خادم الحرمين الشريفين وكبار رجال الدولة الذين يضربون
دائماً الأمثلة على قوة هذا العامل المؤثر في تحركاتهم وقراراتهم العامة،
مما انعكس إيجاباً على إحساس القطاع الخاص ودعمه لكثير من المؤسسات
الخيرية العاملة في المملكة، لتستفيد منها في الأخير مؤسسات تعني بفئات
خاصة من مجتمعنا... إن إطلاق مركز جديد للمعوقين وفي أي مكان من المملكة
يمتد أثره متجاوزاً المستفيدين منه بشكل مباشر إلى أفراد المجتمع كافة
الذين يشعرون بالفعل بأن المجتمع، وعلى اختلاف مستوياته، جسد واحد إذا
اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى.</p>
<p>منقول<br> </p></font></div>