السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المكفوفة التي تقود المبصرين 2
...
اعتدت النوم ودماغي مستيقظ
"لما
تخرّجت في الجامعة, أصبح عليّ خوض معترك الحياة العملية، توجّهت صباح
اليوم التالي عقب التخرج إلى مدرسة قريتنا لأبدأ مسيرتي العملية.. افتتحت
دورة تعليم القرآن الكريم للأطفال في مسجد القرية، كان الأطفال يتعاملون
للمرّة الأولى مع مكفوف، خافني الأطفال في البداية, ثم انسجمنا بقوة في
نهاية الأسبوع الأول. شعرت أنّهم يبادلونني مشاعر الحبّ، تلك المشاعر التي
جعلتني أصنع المستحيل من أجل الإنجاز، فصرت أبتكر الأساليب للنجاح،لم أكن
أنام، اعتدت النوم ودماغي مستيقظ، كنت أجد فيه طاقة فكرية وقّادة، وفّرت
من مصروفي لشراء الهدايا ونظمت المسابقات, ثمّ نظّمت رحلات خارج المدرسة
إلى البحر المتوسط، إلى يافا وعكا، واصطحبت معي 50 طالبة كنت المسؤولة
عنهن".
كنت ضد أن أغير أيّ شيء في شكلي
وتستطرد
سعاد: "كنت أريد من الأطفال الذين أدرسهم أن يتقبلوا سامية من الداخل بدون
نظارة, وقد نجحت والحمد لله, فأنا أستطيع أن أشعر بهم بالرغم من أنّني لا
أراهم, ولكنني أستخدم كلّ وسائل الاتصال لكي أراهم، كنت أشعر أنّ جسمي كله
يتحدّث إليهم.. كنت أميز أنفاسهم, وأتلمس أشكالهم, بل إنّني أتنقل بينهم
زاحفة وأنا جاثية على ركبتي, كي يكون وجهي قريباً من وجوههم, حتى إذا
انتهت الحلقة شعرت بشدّ عضل مؤلم لم يكن ليثنيني عن المواصلة معهم في
اليوم التالي".
من لا يشكر النّاس لا يشكر الله
ظلّ
حلم الدراسات العليا ماثلاً أمامي وملحّاً في خيالي, حتى أذن الله لي
بالدراسة, فتلقيت اتصالاً بعد عشر سنين من الانتظار, يخبرني أنه تم جمع
المبلغ المطلوب. انطلقت وحدي إلى عمّان لأبدأ رحلة الماجستير التي شاء
الله أن ييسّر لي في كلّ مرّة مجموعة تتكفل بتأمين النفقات الدراسية وأجور
المسكن وغيره, فأحمد الله أن يسرّ لي أكثر من شخص للمساعدة حتى لا يشعر
أحد بعينه أنّ دراستي عبء ثقيل عليه".
سامية تحفظ القرآن
الكريم، وهي متخصصة في تفسير آياته، ورسالتها الماجستير التي ما زالت
تعدّها هي بعنوان "صوارف الفهم للقرآن الكريم وعلاجها، دراسة موضوعية"،
فهي تبحث عن كلّ ما يعين العبد على التواصل مع ربّه سبحانه وتعالى, فقد
سافرت إلى سورية لتحصل على أعلى سند متّصل في القرآن الكريم على يد الشيخ
بكر الطرابيشي، وقامت بتأسيس الفرع النسائي لدور تحفيظ القرآن الكريم في
قرى غرب رام الله, وهي مشرفة على أكثر من 30 مركزاً قرآنياً، وشاركت في
دورات عديدة في علوم القرآن وتخريج الحديث النبوي الشريف ودورات أخرى في
مهارات الاتصال والتربية الحديثة، وهي تدرس علوم القرآن وتفسيره، وتدرّسه
الطالبات والأمهات.
بيني وبين الأقصى علاقة متميزة
"لا
بدّ أن أزور المسجد الأقصى على أقل تقدير مرّة كلّ شهر، أناجيه ويناجيني،
الأقصى يجمع بين الشّموخ والحزن، لا ينحصر تميز الأقصى في كونه أسيراً أو
لأنّ كثيراً من الناس ممنوعون من شدّ الرحال إليه, بل يتميز أيضاً بأنفاسه
وهمساته، وبرائحته التي تعلق بملابسي مدة طويلة.. أعشق الجلوس على أرضه..
الأقصى يزوّدني بطاقة روحية هائلة, تدفع بي إلى التفكّر والعمل بطريقة
دؤوبة غير مسبوقة".