باسم الله الرحمان الرحيم
I ) مقدمة :
كثيرا ما نسمع عن التعبير عن الذات ,
فتراودنا الكثير من الاسئلة حول مفهوم هذا التعبير و الاساليب التي ينهجها
و مدى اهميته في حياتنا سواء كانت الشخصية او العملية او غيرها. و لهذا
ساحاول من خلال هذا العرض ان اقربكم اكثر من هذا المفهوم و ايجابياته و
كيفية التعامل معه. اذن
ما هو مفهوم الذات؟
و ما هو مفهوم التعبير عن الذات؟
كيف يمكننا ان نعبر عن ذواتنا بطريقة سليمة؟
ماهي بعض مظاهره؟
ما هي الوسائل التي تساهم في انجاحه؟
II ) مفهوم التعبير عن الذات :
1) مفهوم الذات :
ان الذات معناها نشاط موحد مركب للإحساس والتذكر والتصور والشعور
والتفكير، وتعتبر نواة الشخصية. وتقسم الذات إلى ذات واقعية وذات مثالية.
فالذات الواقعية هي ذات حقيقية أو فعلية تمثل مستوى الاقتدار، في حين أن
الذات المثالية هي ذات تطلعية يؤمل منها أن تكون -أي تمثل- ما يطمح الفرد
أن يكون أو يصبح.
إن
الذات بناء معرفي يتكون من أفكار الإنسان عن مختلف نواحي شخصيته فمفهومه
عن جسده يمثل الذات البدنية ومفهومه عن بنائه العقلي يمثل مفهوم الذات
المعرفية أو العقلية ومفهومه عن سلوكه الاجتماعي مثال للذات الاجتماعية.
ويركز علماء النفس الإنساني على بناء الذات عن طريق الخبرات التي تنمو من
خلال تفاعل الإنسان مع المحيط الاجتماعي، ويطلقون على العملية الإدراكية
في شخصية الإنسان (الذات المدركة) والتي من خلالها تتراكم تلك الخبرات،
فيتم بناء الذات ويكُون الفرد مفهوماً ًعن ذاته. ولما كانت الذات هي شعور
الفرد بكيانه المستمر وهي كما يدركها وهي الهوية الخاصة به وشخصيته فإن
فهم الذات يكون عبارة عن تقييم الفرد لنفسه، أو بتعبير آخر هو مجموعة
مدركات ومشاعر لدى كل فرد عن نفسه.
بناء الذات يخضع للمعايير السائدة في المجتمع. فالفرد يؤثر في الآخرين
ويتأثر بهم، وبمقدار هذا التأثر ونوعه تتشكل ذاته. إلا أنه ينبغي الالتفات
إلى أن الفرد ليس منزوع الإرادة، بل إن له دور فعال في بناء ذاته مصداقا
لقوله تعالى ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
). فهذه الآية الكريمة تدلل على أن عملية بناء الذات للفرد أو لمجموعة
أفراد يتطلب وجود دافع قوي لعملية التغيير. فالفرد في عملية التغيير لابد
أن يميز بين الصالح والطالح وليس كل ما يملى عليه يلزم به، إذ أن المطلوب
منه في هذا السياق التمييز بين ما هو إيجابي وما هو سلبي.
يخضع بناء الذات إلى توافر القدوة الحسنة من علماء ربانيين وتوافر
الموعظة وضرب الأمثال والترغيب والترهيب ثم التأديب. قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة
)، وقال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير هذه الآية اعملوا بطاعة الله
واتقوا الله وأمروا أهليكم بالذكر ينجيكم الله من النار. وبهذا المعني
يقول الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه (أي علموهم وأدبوهم). فوقاية
الفرد من النار من خلال الالتزام بما أمر الله إذن هي غاية مهمة في بناء
الذات، تتطلب من يكون مسؤولا عن التنشئة الأسرية مسؤولية تربوية فيها من
الرعاية والتوجيه لوقاية الذات من الانحراف وتتطلب عملية بناء الذات تنمية
الضمير منذ الطفولة من خلال تعريفه بما حرم الله والإسهام في بنائه فكريا
وتقديم يد العون والمساعدة وتقديم كل ما يمكن تقديمه لبناء ذات قوية ناشئة
في حب الله وطاعته ليكون الفرد عنصرا مفيدا لنفسه ولأسرته ولوطنه ولأمته،
على عكس البناء السلبي للذات الذي يبنى على أساس الابتعاد عن الله
وبالتالي يكون الفرد مهددا لحياته ولأسرته وللمجتمع .