عجيبة
هي حال الأحوال التي يعيش بها الإنسان العربي اليوم ، ينشد العزة والكرامة
في قرارة نفسه وفي تصرفاته يبحر بعيدا ً جدا ً عنها ، ينثر الأقوال التي
تكاد تشبه بعلاقة ( بشد اللام ) الأخطاء فينثر زيف الكلام هنا وهناك ، ومن أحد تلك الأقوال التي لطالما نغصت علي حالي واعتصر قلبي لها مقولة ( بوس الكلب من فمه حتى تأخذ حاجتك منه
) ، أستهجن وبشدة هذه المقولة ، وأشجب وأستنكر كحالي إنسان عربي بارع في
الشجب والاستنكار في كل المحافل هذه المقولة البائسة المذلة .
كيف لنا أن نغمس كسرة خبز
نشقى لجنيها بدبس المذلة ..؟! ، بطون جائعة قد تتمنى كسرة الخبز ، فإن
كانت هذه الكسرة لا تسمن ولا تغني من جوع كيف نتهافت عليها نلتقف لعاب
الكلاب لجنيها ..؟!
أذكر هنا عنترة بن شداد الفارس العتيد الشجاع ، الذي ينطبق عليه قوله بأشعاره فعله بشجاعته أمام جبروت الفرسان ، حيث قال عنترة :
لا تسقنـي ماء الحياة بذلـة بل فاسقني بالعز كأس الحنظل
كم أتمنى أن نحيى حياة
شجاعة عنترة بن شداد ، فذلك الشجاع لم يعش حياة إسلام ، بل وصف عصره
بالجاهلية القحطاء ، فلم يعلم ولم يؤمن أن منابع الرزق من الله جل في علاه
، ولم يعلم قوله تعالى :
( وفي السماء رزقكم وما توعدون )