أدب طالب العلم مع الكتاب

إخواني في الله هذه جملة من أداب طالب العلم مع الكتب التي هي آلة لتحصيل العلم وقد نقلته لكم من كتاب تذكرة السامع والمتكلم في آداب العالم والمتعلم لمؤلفه الشيخ العلامة بدر الدين عبد الله بن إبراهيم بن جَماعة تذكرة لي ولأخواني في المنتدى بهذه الآداب سألًا الله عزّ وجلّ
أن ينفع بها وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وأسأل الله أن يجعلنا ممن يتفقهون في دينه على هدىً وبصيرةٍ وأن يجنبنا الذلل آمين
الأول
ينبغي لطالب العلم أيعتني بتحصيل الكتب المحتاج إليها ما أمكنه شراء وإلا فإجارة أو عاريه لأنها آلة التحصيل ولا يجعل تحصيلها وكثرتها حظه من العلم وجمعها نصيبه من الفهم كما يفعله بعض من المنتحلين الفقه والحديث وقد أحسن القائل{1}
إذا لم تكن حافظًا واعيا ***** فجمعك للكتب لا ينفع
وإذا أمكن تحصيلها شراءً لم يشتغل بنسخها ولا ينبغي أن يشتغل بدوام النسخ إلا فبما يتعذر عليه تحصيله لعدم ثمنه أو أجرة استنساخه ولا يهتم
المشتغل بالمبالغه في تحسين الخط وإنما يهتم بصحيحه وتصحيحه ولا يستعير كتابًا مع إمكان شرائه أو إجارته
الثاني
ويستحب إعارة الكتب لاضرر عليه فيها ممن لاضرر منه بها وكره قوم عاريتها ، والأول أولى لما فيه من الإعانة على العلم ، مع ما في مطلق العارية من الفضل والأجر ، قال رجل لأبي العتاهيه أعرني كتابك )
فقال : إني أكره ذلك فقال : أما علمت أن المكارم موصولة بالمكاره فأعاره وكتب الشافعي إلى محمد بن الحسن :
يا ذا الذي لم تر عين من رآه مثله
العلم يأتي أهله مثله ***** إن يمنعوه أهله
وينبغي للمستعير أن يشكر للمعير ذلك ويجزيه خبرًا .
ولا يطيل مقامه عنده من غير حاجه بل يرده إذا قضى حاجته ، ولا يحبسه إذا طلبه / المالك أو استغنى عنه ، ولا يجوز أن يصلحه بغير إذن صاحبه . ولا يحشيه ولا يكتب شيئا في بياض فواتحه أو خواتمه إلا إذا علم رضا صاحبه ، وهو كما يكتبه المحدث على جزء سمعه أو كتبه
ولا يسوده ولا يعيره غيره ولا يودعه لغير ضرورة حيث يجوز شرعا ولا ينسخ منه بغير إذن صاحبه .
فإن كان الكتاب وقفأ على من ينتفع به غير معين فلا بأس بالنسخ منه مع الإحتياط ولا بإصلاحه ممن هو أهل لذلك وحسن أن يستأذن الناظر فيه وإذا نسخ منه بإذن صاحبه أو ناظره فلا يكتب منه والقرطاس في بطنه أو على كتابته ولا يضع المحبرة عليه ولا يمر بالقلم الممدود فوق كتابته
وأنشد بعضهم :
أيها المستعير مني كتابًا ******** إرضى لي فيه ما لنفسك ترضى
وأنشدوا في إعارة الكتب ومنعها قطعًا كثيرة لا يتحملها هذا المختصر
وللحديث بقية إن شاء الله
{1}للخطب البغدادي مصنف بديع في هذا الشأن سماه(تقيد العلم)
وذكر فيه أن أحد الفضلاء كان يشتري كل كتاب يراه فقيل له : إنك تشتري مالا تحتاج إليه فقال: ربما احتجت إلى مالا أحتاج إليه