مهمة خاصة: عالم المعوقين

مقدمة البرنامج: زينة، إيلي، جورج، مود، أسماءٌ ووجوه لكل اسمٍ قصة ولكل وجهٍ حكايةٌ مرة، أليمة، تصلح ربما لفيلمٍ درامي هوليودي، هم أشخاص عاديون يعيشون حياة غير عادية، هم معوقون يحاولون تثبيت وجودهم رغم إعاقاتهم، يصارعون مجتمعاً ربما هو المعاق لأنه ينبذ هؤلاء الأفراد لأنهم مختلفون.الإعاقة وجدت على وجه الأرض منذ تواجد الإنسان عليها، هي مشكلة كونية لا تقتصر على بلد دون آخر، ولكنها تختلف من مجتمع إلى آخر حسب نظرة المجتمع إلى المعاق، متى يتقبل المجتمع المعاق؟ وكيف ينخرط هذا الأخير في الحياة العملية ويصبح منتجاً أسوةً بباقي أفراد المجتمع؟ ومتى يفقد المعاق كرامته وحريته؟ أدعوكم إلى الدخول معي في عالم المعوقين وأترك لكم الاستنتاج والحكم في نهاية الحلقة."المعوق في خدمة المعوق" هذا الشعار هو الذي تمتاز به هذه المؤسسة الكونسيل، اسمها بالفرنسية والمعنى الألوان التي تشرق بفعل شروق الشمس بعد الشتاء، رمز الفرح والأمل بعد اليأس والترقب، هدفها الدمج الاجتماعي للمعاق، مؤسسة فريدة من نوعها في الشرق الأوسط، مركزها في بيروت وتشعبت نشاطاتها في أنحاء لبنان، فتطورت لإرساء سياسة تنمية اجتماعية شاملة تهتم بكل الفئات المهمشة في المجتمع، دخلنا إلى مؤسسة الكونسيل عالمٌ مدهش حيث يتلاقى العشرات من المعوقين كل يوم للعمل من أجل أفراد يعانون مثلهم بمشاكل إعاقة مختلفة ومتنوعة، فتحول المعوقون إلى عمالٍ ذي مهارة وكفاءة وجدارة، يصنعون كل أنواع المعدات والتجهيزات الخاصة بالإعاقة، فالكراسي النقّالة والحمّالة إلى المقاعد الخاصة وإلى الفرش وإلى ما هنالك من أشغال تساعد على تأهيل المعاق، والقناعة هنا واحدة كل فردٍ مهما كانت طبيعة وخطورة إعاقته أو صعوباته بقدرته أن يتطور ويتأهل أن يكون من جديد عضواً فعالاً في المجتمع، هذه القناعة هي التي تغير جذرياً نظرة المجتمع إلى الأشخاص المعوقين، فهؤلاء هم الذين يحثون المجتمع بل يجبرونه على تغيير مفهومه من الإعاقة.
عودة للأعلى

المعوق لديه القدرة على العطاء

زينة: كنت قاعدة بالبيت ما عم بشتغل..مقدمة البرنامج: من أنت وصغيرة معاقة؟زينة: شلل أطفال، كان عمري سنتين.مقدمة البرنامج: شلل أطفال، ولوقت ما جيتي لهون شو كنت.. إنه كنت بالبيت كنت تروحي عالمدرسة؟زينة: تعلمت بالمدرسة وتخصصت بالسي آر سي بالبنتيور، قماش وزجاج بس بورسلان هون.مقدمة البرنامج: طيب شو تغيرت حياتك بس جيتي لهون؟زينة: تغيرت كتير.مقدمة البرنامج: ليه؟زينة: مش شوي، يعني صرت أتأقلم مع العالم أكتر يعني آخذ وأعطي أنا وياهن كتير، كنت متكّلة على نفسي صرت متكّلة على نفسي أكتر، يعني أنا من أول ما بحب حدن يساعدني وحطيت براسي إنه ما بدي حدن يساعدني بدي ساعد نفسي أنا، يعني الزيادة زيادة هون إنه زيادة ثقة بنفسي أكتر.مقدمة البرنامج: وعايشة لأنه مع مجموعة من الناس صرت..زينة: مش قصة هيك، إنه نحن هون ما منحس حالنا إش بنا شي، خصوصاً مع الأشخاص اللي معنا ما بحسسونا إنه نحن بنا شي، أو عنا إعاقة أو أي شي، بحسسونا إنه نحن ناس طبيعيين.مقدمة البرنامج: وخارج هون كيف..زينة: حتى خارج هون أنا بتعامل معن مش هن بيتعاملوا معي، يعني أنا بخليهن بالقوة مش بزوقهن هنّ يحترموني.مقدمة البرنامج: للعالم؟زينة: إي.مقدمة البرنامج: كيف؟ مثلاً عطيني مثل.زينة: يعني مثلاً بثبت وجودي بيناتهن، بحسسن إنه أنا ما بني شي، أنا بنزل عالسوق، أنا بعمل shopping لحالي، أنا بشتغل بالبيت، مش إنه بحكي حكي بعملن ياه فعل.مقدمة البرنامج: مع مين ساكنة؟زينة: ساكنة مع ماما وأختي، بالبيت أنا بالبيت ما حدن بيدقرني، يعني أنا بشتغل، بساوي، كل شي حتى المجتمع ما كان يحس هيك، كان يعرف إنه المعاق خلص معاق إنه صار زاوية لأ، نحن أثبتنا العكس، يعني يجي لعنا الجيران يقولوا إنه أُف! أنا لاحظ من عيونن، إنه أنا ما بقدر أعمل شي، صرت شوي شوي قدام منن..مقدمة البرنامج: عندك استقلالية بحياتك.زينة: إي، قدام منن فوت أعمل هالشغلة، قدام منن أشتغل، قدام منن أظهر عالسوق جيب أغراض وإجي، يعني هلأ بيقولوا زينة شايفين بس متل قوة الإرادة اللي عندها ما شايفين.مقدمة البرنامج: إيلي يعمل في الإدارة في مؤسسة الكونسيل، أصيب سنة 1978 خلال الحرب بشظايا قذيفة أُصيب في ظهره بشلل كلي أقعده في كرسيه كان في السابعة عشر من عمره.إيلي: هو من الطبيعي إنه يظلوا ينظروا كانوا أول شي نظرة شفقة، بإنه حتى أنا كنت قبل ما أصاب كنت في شوف شب معي اسمه فؤاد هلأ بشتغل أنا وإياه كنت شوفه وهو عالكرسي وأنا كنت بعدي ماشي كنت وقت شوفه قول ليك يا حرام هذا وكذا، إنه طبيعي ما كان في توعية، وأهلي كمان نفسي الشي هيك يعني أول ما صار مثلاً إذا بدي مد إيدي بدي أشرب مي هن بيناولوني الإبريق، مع إنه هالإشيا إنه إذا بيتركوا للواحد يتصرف على راحته أفضل بس إنه لحتى تعودوا أخذوا وقت، وبتعرف الأهل قلبن وكيف كذا يضلوا يسألوا وين في طب أحسن، وين إذا ممكن نلاقي شي شي باب تأتحسن عندها.مقدمة البرنامج: إيلي تدرب على إدارة أموره والعيش باستقلال رغم إعاقته حتى أنه أُغرم بفتاة أحلامه وتزوج منها رغم كل الناس وكل شيء.إيلي: أصلاً ما كنت فكّر إنه يوماً ما رح أفتح بيت وأتزوج، بس وقت تعرفت عليها رجعت حسيت حالي إنه رح حبها وجربت كون صريح كتير من البداية معها، وكل الإشيا اللي أنا بعيشها حتى بالإشيا الخاصة..مقدمة البرنامج: وهيّ حبتك؟إيلي: من الطبيعي لأنه تقدمت على هي الخطوة، بعتقد حبتني، وهلأ صار لنا عشر سنين عايش أنا وإياها متل كأنه بعدنا مجوزين..مقدمة البرنامج: كيف تقبلوا أهلها؟إيلي: ليك أهلها ما تقبلوا الزاجة أول شي، طبيعي متل أي أهل، أنا إذا كان عندي بنت أكيد بفضلها الأحسن أو بتمنالها الأحسن، من الطبيعي أهلها يعارضوا، أهلها كلهن عارضوا بالأخص إنه هي وحيدة على خمسة شباب وبتعرفي كيف بتبقى البنت مغنّجة ومدللة بالبيت.د. ليلى الديراني (أخصائية علم نفس): نظرة المجتمع قاسية جداً لأنه المجتمع جاهل أولاً، والمجتمع بذهنية الإنتاجية، يعني بدو الواحد يكون شكله حلو، بدو يكون إنتاج 100% لحتى يكون ماشي حالو، وإلا يصرف يعني خارج المجتمع إن كان عنده إعاقة أو في مهمشين كتير يعني.مقدمة البرنامج: تبعنا إيلي وهو يقود سيارته باتجاه المنزل، وهنا استقبله ابنه الأكبر في ما كانت زوجته وابنته الصغرى تنتظران الزوج والأب داخل المنزل، كيف توصل إيلي أن يفسر لولديه حالة الوالد غير الطبيعية؟إيلي: بضلني قلن إنه انصبت أنا بالحرب لأنه انصبت صار معي هيك، وهو يفكر إنه أنا مزعوج أو هيك وأنا بصوّر له هي الشغلة إنه منا شغلة مأساوية، إنه أنا اخترت إذا بدك العنف أو شي هيك هي نتيجتها إنه صار هيك، بس ما بيؤثر إنه الواحد بيضل يقدر يعيش وينبسط، هلأ هو بيتخيله إنه البيّ لازم يكون بتعرفي براس الولد إنه البيّ القوي والسلطة عطول إنه هيك بياخد هي الأفكار.زوجة إيلي: أنا ما صارحت أهلي بهالشغلة، بس الله يرحم بيّ هو حس إنه في شي بيناتنا، قلي اللي عم تفكري فيه ما بتقدمي عليه أبداً، وخبرته شو صار وهيك، قلي يلاّ منروح خطيفة، هو أصلاً كان بدو يفوت عالبيت ويطلب إيدي إنه متل كأي إنسان عادي، ما زبطت الأمور هيك ورحنا خطيفة، من الأساس حبيته إنه تناسيت هالإشيا كلها، يعني دغري تأقلمت معه، حتى الجو المحيط عنا أهله وهيك ما خلوني حس إنه ناقصني شي يعني، أنا جبرت العالم كلها إنه تتقبل حياتي معه، في كتير أشخاص هلأ بتسأل ليش؟ وكيف؟ سعيدة بجوزي، بأولادي بمحيطي، بعيلتي كلها.
[فاصل إعلاني]
عودة للأعلى

الإعاقة حجبت هؤلاء عن التفاعل مع المجتمع

مقدمة البرنامج: حوالي مئة وخمسين ألف معاق مسجلون في وزارة الشؤون الاجتماعية اللبنانية، وإذا الإحصاءات تشير إلى هذا الرقم فلأن هؤلاء يحظون ببطاقات شخصية، أما غير المسجلين فلا تعرف أعدادهم وهم مخبؤون في منازلهم وغير مصرح عنهم، جورج من هؤلاء يعيش مع والدته وأخواته.جورج: من عمري سنة وثلاثة أشهر شي هيك.مقدمة البرنامج: شو صار؟ كنت طبيعي.جورج: إي.أم جورج: كان أول مشيه، إجته الحرارة، أخذته للحكيم عطاني إبر عملناله الإبرة عشية الصبح قمته ما في يوقف، وصرنا نركض فيه لعند الحكماء كرماله.مقدمة البرنامج: يعني غلطة حكيم؟أم جورج: ما بقدر أعرف، ما بقدر أعرف، كان أول مشيه وكان إبر البنسلين طالعين جديد، عملنا له إبرة من عشية الصبح قام الصبي ما في يوقف عرجليه، شو بدي أعمل؟ اتكلت على الله، نصيبي هيك ونصيبه هو أكتر يتعذب، أنا صحيح أبرم فيه وروح وإجي بس هو تعذب أكتر مني [تبكي]، أنا بروح وبجي وبقف وبمشي وكل شي، برمت كتير لعند حكما، أخذته عالجامعة في حكيم قالولي وصفله عملية، قلت له: حكيم حابين طلب مني وقتها شي يعني قلتله بقعد صانعة وبشتغل وبوفيك، إي بس ابني بتكفلي ابني إنه يمشي ويوقف عرجليه، قال لي أنا مش المسيح توقفه عرجليه ومشيه.د. ليلى الديراني (أخصائية علم نفس): في ناس أهلن بيخبوهن، في ناس أهلن بيحطموا فين أو بالعكس بيحمون لدرجة، زيادة الحماية حتى ما يتعرضوا للمجتمع كمان بتكبلن، يعني ما بيكبون وبيقوللن يلاّ صارع وامشي بيؤمنوا حماية زائدة والحماية الزائدة كمان بتهمش الإنسان.مقدمة البرنامج: ومنذ ذلك الحين بقي إيلي في المنزل مع والدته لا يخرج إلا نادراً من بيئته الضيقة محاطاً بالوالدة ومتكلاً على عمل أخواته، لم يذهب إلى المدرسة ولم ينخرط مع أولاد آخرين.أم جورج: ما بعثته مطرح، بقي معي بالبيت، اللي صار بالصبي هيدا يعني شو بدي أقولك لما يصير حادثة هيك بالبيت، كتّر خير الله، الشي من الله أهلاً وسهلاً، بس الإنسان بيتأثر، بيشوف ولده بالأرض خاصة لما يصير شب، إرادة الله تكمل، شو بدي أعمل؟ مقدمة البرنامج: عبارات ترددها الوالدة مراراً مسلمة قدرها إلى مشيئة الله، اقتنعت بحالتها وحال وحيدها وجابهت المجتمع بوحدتها.جورج: في منن بحسن إنه هيك كشفقة، في منن عادي بس أنا يعني بحس حالي متلي متلن، بس هنّ كيف نظرتن وهيك كشفقة وهيك، مش ضروري تكون نظرتهن كشفقة يعني عادي بالنتيجة كلنا إنسان متل بعضنا، ما حدا مغيّر عن التاني.أم جورج: في بعض أشخاص عندن هيك.. في أشخاص بيبقى قاعد بمجتمع بيسلموا على الكل ما بيسلموا عليه إي، بس هو الله ناعم عليه بعقله، بيقوم الصبح بيصلي بإيده عوجهه وبيقول: يا عذراء تخليني بعقلي بس.
عودة للأعلى