ما هى الخبائث
يقول تعالى: [ الذين يتبعون النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التـوراة والإنجيل، يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ] (الأعراف 157)
يبدو لنا من صفات ذلك النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم أنه يحل الطيبات ويحرم الخبائث على أتباعه، فيا ترى ما هي تلك الخبائث التي جاء محمد صلى الله عليه وسلم ليحرمها مقابل إباحة كل أنواع الطيبات التي أوجدها الله في الأرض لعباده، إن الأصل في الأشياء في شريعة الإسلام الإباحة؛ قال تعالى: [ قل من حرم زينة الله التي أخـرج لعباده والطيبات من الرزق ] (الأعراف 32) ويقول جل وعلا: [ يسألونك مـاذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات ] (المائدة 4) بل يؤكد سبحانه وتعالى هذا المعنى في سورة النحل فيقول: [ ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون ] (116)
فكل هذا التكـرار على إباحة الطيبات يـؤكـد به الله لعباده أنه لا يحرمهم أبدا من المتع الطيبة الحلال التي رزقهم إياها، وكذلك هو لا يـرضى سبحانه لعباده المـؤمنين أن يكونوا ضعاف البنية معتلي الصحة، فرسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيما رواه مسلم: " المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير ،احرص على ما ينفعك ،واستعن بالله ولا تعجز ". والإسلام لا يكتفي بالإباحة المطلقة للطيبات من الرزق، وإنما يشجع عليها بطريقة جميلة راقية ليس فيها الغصب أو الإجبار، فيذكر القرآن الكريم بعض أنواع الأطعمة والأشربة بالاستحسان لحـث المؤمنين على تناولها كمصدر للصحة والعافية، ومثال هذا لحوم الطير وصيد البحر والعسل واللبن والتين والتمر والزيتـون وطائر السمان "السلوى" وغيرها من الطيبات.
أما الخبائث فهي كل مالا تستسيغه الأذواق السليمة، وكل ما يصيب الإنسان في بدنه أو نفسه أو عقله بالضرر. والخبائث التي جاء ذكرها في القرآن الكريم والسنة النبويـة والتي حرمها الله من الأطعمة والأشربة مثال لحم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله ـ أي اللحوم غير المزكاة ـ والخمر وكل ذي مخلب من الطير وكل ذي ناب من السباع، كما جاء في سنن أبي داود " أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل كل ذي ناب من السبـع وعن كل ذي مخلب من الطير". كل هذه الخبائث وغيرها مما ورد في القرآن والسنة ليست هي فقط التي يحرم على المسلم تنـاولها، بل كل ما اتفقت عليه الجماعة المسلمة وعلى رأسهم العلماء الأفاضل أنه من الخبائث فإنه يحرم قياسا على ما ورد ذكره في القرآن والسنة،
وسنضرب مثالا على هذا.. فالتدخين مثلا لم يكن معروفا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أفتى العلماء بحرمته لما فيه من الأضرار التي تضعه في دائرة الخبائث، فهل لأنه لم يرد ذكره في القرآن أو السنة باسمه يكون من المباحات كما يدعي بعض الجهلاء؟؟؟